استشهاد سامر سرحان وما بعده
طالت اعتداءات حرس المستوطنين الكثير من الشبان الفلسطينيين في قرية سلوان جنوب القدس منذ أن بدأت المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية في القرية والتي جعلت منها المنطقة الأكثر توتراً في القدس. إن وجود المستوطنات في وسط الأحياء الفلسطينية في سلوان أدى إلى اندلاع العديد من الاشتباكات بين سكان القرية الأصليين والمستوطنين الإسرائيليين الذين قدموا للعيش في القرية من خلال مشاريع المنظمات الاستيطانية التي تعلن عن نيتها بإيجاد أغلبية يهودية جنوب البلدة القديمة، أي في قرية سلوان.
تعمل المنظمات الاستيطانية بدعم من السلطات الإسرائيلية التي تؤمن للمستوطنين في القدس حراسة أمنية مشددة. يستعمل حرس المستوطنين في سلوان الذخيرة الحية ضد الفلسطينيين، وقد أصيب عدد من السكان الفلسطينيين برصاص المستوطنين في أكثر من حادث: أحمد قراعين، 41 عاماً، وأمير الفروخ، 15 عاماً، أصيبا في الحادي عشر من أيلول 2009، مازن عودة، 23 عاماً أصيب في الثاني من حزيران 2010. أما في الثاني والعشرين من أيلول 2010 أودت اعتداءات حرس المستوطنين بحياة الشهيد سامر سرحان، 32 عاماً، الأب لخمسة أطفال.
في زيارة لأرملة الشهيد، هنادي سرحان، 29 عاماً، روت لموقع سلوانك معاناة العائلة يوم استشهاد زوجها حيث لم تتمكن الزوجة من معرفة الخبر اليقين عن حالة زوجها قبل أكثر من خمسة ساعات من استشهاده. وقد ذكر شهود العيان بأن الشرطة الإسرائيلية قامت بحجز جثة الشهيد لأكثر من ساعة قبل نقله إلى المشفى. تقول هنادي: "إن رحيله عنا هو فاجعة كبيرة، ومن المؤلم جداً أن يقتل بهذه الطريقة ويبقى القاتل دون عقاب."
تم تشييع جثمان الشهيد في جنازة حاشدة ووسط غضب عارم، أطلق خلالها المستوطنون الرصاص الحي صوب الجنازة. وثار السكان غضباً فرفعت الأعلام الفلسطينيية وأحرقت مركبات للشرطة الإسرائيلية وتم إنزال بعض الأعلام الإسرائيلية من على المستوطنات في سلوان. وأقام السكان نصباً تذكارياً لسامر تخليداً لذكراه إلا أن الشرطة الإسرائيلية قامت بإزالة النصب بعد أسبوع من وضعه. استهدفت القوات الإسرائيلية عائلة الشهيد وبيت العزاء تحديداً بإطلاق قنابل الصوت والغاز نحوه مرات عدة. واعتقلت أفراد من عائلات الشهيد أكثر من مرة من بينهم أخويه وإحدى زوجاتهم وأبنائهم.
اعتقلت الشرطة الإسرائيلية قاتل الشهيد وهو أحد حراس المستوطنات في سلوان وأخضعته لتحقيق لم يزد عن الثلاثة ساعات أطلق سراحه بعد ذلك بناءً على رواية ادعى فيها القاتل بأنه تعرض لكمين من راشقي الحجارة كاد يودي بحياته مما اضطره للترجل من مركبته واستخدام الذخيرة الحية بالمقابل. إلا ان مركز معلومات وادي حلوة نشر بعد ذلك بوقت قصير تصوير فيديو يثبت بطلان رواية القاتل.
لم تقف معاناة عائلة الشهيد عند هذا الحد. هنية أبو سند والدة هنادي أصيبت بجلطة قلبية بعد أن ألقيت صوبها إحدى القنابل الصوتية أثناء اعتداء القوات الإسرائيلية على بيت العزاء في نفس يوم استشهاد سامر. يقول أبو ناصر، زوج هنية: "لقد اتصلت بسيارة الإسعاف الإسرائيلية لنقل زوجتي للمشفى وقد طلبوا إلي ان أبعث لهم من يدلهم على الطريق إلى المنزل، لكنني تفاجأت بهم يتصلون بي بعد نصف ساعة ليخبرونني بأنهم لا يستطيعون نقل زوجتي ولم تثمر محاولاتي في اقناعهم للقدوم." اتصل أبو ناصر بسيارة اسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني التي لم تستطع الوصول إلى المنزل لنقل زوجته بسبب حجز الجيش الإسرائيلي لها. يكمل أبو ناصر: "لقد خرجت إلى مدخل سلوان حيث يحتجز الجنود سيارة الاسعاف الفلسطينية وصرخت مطالباً إياهم بتحرير المسعفين لنقل زوجتي للمشفى إلى أنهم ردوا بإطلاق الرصاص المطاطي علي، وقد أصبت بصدري ويدي، فنقلت أنا إلى المشفى بدلاً من أن تنقل زوجتي"
نقلت هنية أبو سند إلى المشفى بعد أكثر من ساعة من الإصابة، وقد وصلت بوضع خطير أدى إلى استشهادها يوم الجمعة الثامن من أكتوبر الماضي. في نفس اليوم قام رئيس الجمعية الاستيطانية المدعو، ديفيد باري بدهس طفلين من سلوان بعد أن رشقوا سيارته بالحجارة. وقد وثقت عدسة الصحفيين الذين قدموا لتغطية صلاة الجمعة وجنازة الشهيدة هنية عملية دهس الطفلين والتي جرت في منطقة وادي الربابة على بعد بضع أمتار من خيمة الاعتصام حيث تقام صلاة الجمعة في سلوان.
وما كان من السلطات الإسرائيلية إلا أن كثفت حملة اعتقال الأطفال "راشقي الحجارة" والتي طالت الطفل مفيد منصور، 8 أعوام، حيث لم يشفع له صغر سنه عند الشرطة الإسرائيلية من إخضاعه للحجز والاستجواب. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية في الثاني من نوفمبر بأنها ستكثف حملتها ضد الأطفال وذويهم بفرض المزيد من الإقامات الجبرية والمخالفات المالية على الأطفال المتهمين برشق الحجارة على مركبات المستوطنين أو الشرطة في سلوان.
لا تزال القرية تشهد المزيد من الانتهاكات ضد حقوق سكانها، الذين يعيشون اليوم في حالة توتر شديدة بسبب شروع بلدية القدس الإسرائيلية بهدم منازل في سلوان والأحياء المجاورة.