طباعة
حكومة اسرائيل و بلدية القدس تصادران المناطق الأثرية في المدينة المقدسة و تسلمانها لجمعيات متطرفة و تتجاهلان أصحابها العرب
حكومة اسرائيل و بلدية القدس تصادران المناطق الأثرية في المدينة المقدسة و تسلمانها لجمعيات متطرفة و تتجاهلان أصحابها العرب .
كشف النقاب مؤخراً عن ان الحكومة الإسرائيلية الحالية بالتعاون مع بلدية القدس تقوم بمصادرة المناطق الأثرية في المدينة المقدسة و تنقلها إلى جمعيات دينية يهودية و أخرى متطرفة .
جاء ذلك على لسان البروفيسور رافي غرينبرغ المحاضر في علم الآثار في جامعة تل أبيب و منسكان القدس. معتبراً ان ما تقوم به السلطات الإسرائيلية يشكل تدميراً انتقائياً للماضي و يتجاهل تماماً حقوق سكان البلدة القديمة و بلدة سلوان في حفظ ذاكرة مدينتهم و تقرير مصيرها و قال ساخراً : " يبدو أن حكومة اسرائيل و بلدية القدس و سلطتي الآثار و الحدائق الصيفية ترى أنه لا وجود لهؤلاء المواطنين بل هم أشباح في القدس التي هي عاصمة كل جمعياتها في اشارة للجمعيات اليمينية الإستيطانية.
و في مقال كتبه البروفيسور غرينبرغ حول الموضوع و نشرته صحيفة هآرتس امس تحت عنوان "قدس العاد" في اشارة إلى جمعية "العاد" الإستيطانية. قال أن الموافقة على ايداع خطة البناء الجديدة لجمعية "العاد" في موقف جفعاتي . مرحلة أخرى في دفن القدس القديمة من جديد. فهناك كما في باحة حائط المبكى و المباني الملاصقة لها اتحدت معاً سلطة الآثار و بلدية القدس و عدد من الجمعيات الحكومية و الخاصة و بادرت إلى خطة " اخلاء _ بناء " ترمي إلى تحنيط آثار القدس القديمة و خصوصاً تلك التي لا تحكي قصة القدس اليهودية في الأقبية , تحت مواقف السيارات و باحات الاحتفالات و قاعات المحاضرات و المطاعم و المواقع الأخرى.
و تقضي الخطة بألا يجرب من يزورون آثار القدس القديمة التي أخذت تظهر في سياقها الطبوغرافي أو علاقتها بمبان اخرى . و لن يرى في المنطقة التي تحاذي باحة حائط المبكى شارع اعمدة روماني يقوم مقابل جبل الهيكل و مساجده , بل سيرى غابة من الأعمدة الاسمنتية الكثيفة و نموذجاً مصغراً لجبل الهيكل (من غير المساجد) بالتأكيد. و في أقبية جفعاتي تحت موقف ل 250 سيارة , سيضطر الزوار في أحسن الحالات لرؤية عدة غرف مقطوعة عن محيطها بين أعمدة دعم . و سيتضح لهم أن الحديث عن مبنى _ ساحة مدهش يطل على جبل الزيتون و جبل صهيون ( سيعرضان عرضاً ايهامياً يحصر العناية في القدس في عصر الهيكل الثاني). هذه أنباء جيدة في نظر السلطات لأنها تفضل أن تخصص العناية بمناطق الآثار على تطويرها باعتبارها فضاء عام ، و لقد ذكر المدير العام لسلطة الآثار شوكا دورفمان في نقاش للموافقة على مشروع "بيت هليبه "( و هو مبنى خطط لإنشائه في باحة حائط المبكى ) بأنه يوجد في القدس الكثير جداً من المتنزهات و الحدائق الاثرية المفتوحة . و اصبحت جميعها مزابل مع حمامات شمسية ، ولا تتخيلون ما الذي حدث لتلك المواقع الأثرية التي تركناها مفتوحة . و من المؤكد أنه يعلم ما الذي يتحدث عنه لأن وصفه يلائم الاهمال في عدد من مناطق الحفر الأثري تتولى المسئولة عنها سلطة الآثار في مدينة داوود نفسها. و هو يرى ان الجمهور فقد الحق في زيارة آثار القدس بصورة حرة بسبب اختلال أوضاع النظافة و عجز سلطات الدولة . و سيحول هذا الحق إلى الجمعيات الدينية و القومية التي هي المالكة الحقيقية في قلب القدس التاريخية.
متى حدث ذلك كله بالضبط و كيف سمحنا بذلك تحت أنوفنا من غير نقاش عام يستحق هذا الاسم ؟ أجل حدث كل ذلك في وضح النهار و بحسب الاجراءات القانونية و القانون مع مصادقة حتى المحكمة العليا على الأعمال. و في موقف جفعاتي للسيارات استأجرت جمعية العاد خدمات سلطة الآثار كي تحفر اساسات لمبنى خدمات و تجارة يريدون بناءه فوق أهم موقع لأثري في البلاد .
و قضت الحاجة من اجل ذلك إلى تغيير الغرض من الأرض من منطقة عامة مفتوحة إلى منطقة مؤسسات و مبان و شارع . و قد وافقت سلطة الآثار و سلطة الطبيعة و الحدائق على التمكين من البناء في هذا المكان حينما يحين الوقت مع الحصول على وعد للحفاظ على الآثار نفسها . بيد انه في هذه الحالات ليس واضحا أبداً ما الذي يكون بمثابة "اثار" و "حفظ". ألا ىتعتبر الطبقات الأثرية الثلاث أو الأربع التي أزيلت و أبيدت تماماً في موقف جفعاتي للسيارات "اثاراً"؟ و ماذا عن الطبقات هي تحت موقف السيارات هو في الحقيقة عمل الحفظ الأنسب ؟
اننا لم نبدأ استيضاح اسئلة أوسع مثل ماهية الفضاء العام ، و تشكيله الخصخصة و القومية، و الطريقة التي يصوغون بها الذاكرة بواسطة تدمير انتقائي للماضي، أو نصيب سكان الحوض التاريخي من القدس في الحاضر ، و سكان البلدة القديمة و بلدة سلوان في حفظ ذاكرة مدينتهم و تقرير مستقبلها . يبدو ان حكومة اسرائيل و بلدية القدس و سلطة الطبيعة و الحدائق و سلطة الآثار ترى أنه لا يوجد وجود حقيقي لهؤلاء الناس . فهم أشباح فقط في القدس الاسرائيلية التي هي عاصمة كل جمعياتها.