طباعة
أحمد مناصرة - تسع سنوات بين الزنازين: هكذا عاد طفل الأمس شابًا
أفرجت إدارة سجن "نفحة الصحراوي" اليوم عن الأسير المقدسي أحمد صالح مناصرة، البالغ من العمر 22 عامًا، بعد انتهاء محكوميته البالغة تسع سنوات ونصف. وبعد الإفراج عنه، حوّلته مخابرات الاحتلال إلى الحبس المنزلي حتى يوم الأحد القادم.
ينحدر الشاب أحمد مناصرة من بلدة بيت حنينا في القدس، وقد اعتُقل في عام 2015، لحظة اعتقاله، تعرّض للدهس وأُصيب بجروح بليغة، فيما انهال عليه المستوطنون بالشتائم والتحريض على قتله، بينما كان ملقى على الأرض ومضرجًا بدمائه في مستوطنة "بسغات زئيف" القريبة من منزله، ولم يكن قادرًا على الحركة أو الكلام بسبب إصاباته، فيما كان المستوطنون يحيطون به من كل جانب، في تلك اللحظات، استُشهد ابن عمه، حسن مناصرة.
تم الإفراج عن أحمد اليوم في ساعات الظهيرة، لكن إدارة سجن "نفحة" تعمّدت إطلاق سراحه في مكان بعيد عن السجن، "منطقة نائية"، رغم وجود عائلته في الموقع المخصص لخروج الأسرى عند السجن، ولحسن الحظ، شاهده أحد الفلسطينيين من منطقة بئر السبع وساعده في التواصل مع عائلته، حيث تذكر أحمد رقم هاتف والده واتصل به عبر الشاب الفلسطيني.
عند وصول أحمد إلى القدس برفقة عائلته، توجّهوا مباشرة إلى مركز شرطة "غرف 4" في القسم الغربي من المدينة، وذلك بناءً على طلب سابق من الشرطة باستدعائه للتحقيق يوم الإفراج، بعد سلسلة تحقيقات أجريت مع والده في الأيام الماضية.
وبعد احتجازه والتحقيق معه، قررت المخابرات الإفراج عنه بشروط مشددة، تضمنت: الحبس المنزلي حتى يوم الأحد، منع التجمع، عدم السماح لأي شخص بدخول بناية العائلة باستثناء سكانها، حظر رفع الأعلام أو الرايات، بالإضافة إلى فرض غرامة مالية على العائلة بقيمة 3,000 شيكل.
وبسبب الضرب والدهس الذي تعرّض له يوم اعتقاله، أُصيب أحمد بكسر في الجمجمة تسبّب في ورم دموي داخلي، إلى جانب خضوعه لتحقيقات قاسية جسديًا ونفسيًا، شملت حرمانًا من النوم والراحة، وعزلًا طويل الأمد عن الأسرى، وحرمانًا من الزيارات والعلاج، ما أدّى إلى تدهور حالته النفسية بشكل كبير.
رغم تدهور وضعه الصحي والنفسي، رفضت سلطات الاحتلال على مدار السنوات الماضية تخفيف القيود المفروضة عليه؛ فرفضت لجنة الإفراج المبكر النظر في طلب الإفراج المقدم عن أحمد، بحجة أن قضيته تندرج تحت "قانون الإرهاب"، وتم رفض جميع الاستئنافات التي طالبت بإلغاء هذا التصنيف، وإنهاء عزله وإعادته إلى غرف الأسرى.
اليوم، بدا أحمد مناصرة شاحب الوجه، هزيل الجسد، مرهقًا نفسيًا وجسديًا، ولا تزال دعوات التحريض ضده من قِبل المستوطنين تظهر بين الحين والآخر، واشتدت في اليومين الماضيين عقب الإعلان عن موعد الإفراج عنه، وكان من بين شعاراتهم التحريضية: "القدس أقل أمانًا بقرار الإفراج عن مناصرة".
أحمد مناصرة، الذي كان طفلًا حين اعتُقل عام 2015، خرج اليوم من السجن شابًا أنهكته سنوات الأسر والعزل والتحقيق والتنكيل، تسع سنوات ونصف مضت، تحوّل فيها من طفل يواجه المحققين وحده بصرخاته المتكررة "مش متذكر"، إلى شاب يحمل في ملامحه آثار الألم.
أحمد لم يكبر داخل أسرته، بل كبر بين جدران الزنازين، حُرم من التعليم، ومن الحياة الطبيعية.