طباعة
خرق فاضح للوضع القائم.. الأقصى في قبضة السيطرة الميدانية للمستوطنين
تحوّل المسجد الأقصى، صباح اليوم الأحد، إلى مسرح لانتهاكات منظمة وخطيرة، لإحياء ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، حيث اقتحم مئات المستوطنين المسجد تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، وأدّوا صلوات علنية وطقوسًا تلمودية في مختلف أنحاء المسجد، من بينها الساحة الشرقية، والجنوبية، وصولًا إلى المنطقة الغربية، التي رُفعت فيها الأعلام الإسرائيلية ورددت الأناشيد الدينية الخاصة بالمناسبة.
ورصدت كاميرات المستوطنين مشاركة وزراء وأعضاء كنيست حاليين وسابقين في الاقتحامات، وهم يتقدمون مجموعات المستوطنين خلال أداء الطقوس، في انتهاك صارخ للوضع القائم داخل المسجد الأقصى، وسط إقصاء كامل للمصلين الفلسطينيين ومنعهم من دخول المسجد، وفرض حصار مشدد على البلدة القديمة بالكامل.
ومرّ اليوم في المسجد الأقصى وسط تجاوزات خطيرة لم تقتصر على الأعداد القياسية للمقتحمين، بل طالت قدسية المكان وهويته الإسلامية.
ارتفاع ملحوظ في أعداد مقتحمي الأقصى في ذكرى ما يسمى (خراب الهيكل) "صوم السابع عشر من تموز"
بلغ عدد المقتحمين للمسجد الأقصى في هذا اليوم 3969 مستوطنًا متطرفًا، توزّعوا على فترتي الاقتحام:
- 2953 مقتحمًا خلال الفترة الصباحية (من الساعة 7:00 حتى 11:30 صباحًا)
- 1016 مقتحمًا خلال الفترة بعد الظهر (من الساعة 1:30 حتى 3:15 عصرًا)
وأوضح مركز معلومات وادي حلوة – القدس أن هذا الرقم يُمثّل ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بلغ عدد المقتحمين في اليوم نفسه:
2958 مستوطنًا في عام 2024
2180 مستوطنًا في عام 2023
2201 مستوطنًا في عام 2022
اقتحامات بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست
وقال مركز معلومات وادي حلوة- القدس إن مجموعات متتالية من المستوطنين اقتحموا الأقصى عبر باب المغاربة، الذي تسيطر سلطات الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال القدس.
وكما في كافة الأعياد والمناسبات الدينية اليهودية، تسمح الشرطة بدخول أعداد كبيرة من المقتحمين ومجموعات متتالية إلى الأقصى في ذات الوقت، وكانت الشرطة قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي أنها ستسمح بدخول مجموعة من المستوطنين إلى الأقصى كل 10 دقائق، بمعدل 6 مجموعات في آنٍ واحد، يتوزعون في المسجد.
وتُرجم هذا ميدانيًا منذ ساعات الصباح، حيث سمحت الشرطة باقتحام مجموعات كبيرة من المستوطنين، ضمت كل مجموعة أكثر من 80 متطرفًا، تلتها مجموعات ثانية وثالثة حتى السادسة، ما أدى إلى امتلاء الأقصى بالمستوطنين في كافة ساحاته وأروقته، وعلت أصوات الصلوات والغناء والتصفيق والأناشيد فيه.
ومن بين المقتحمين للمسجد الأقصى اليوم: وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وزير "تطوير النقب والجليل" يتسحاق فاسرلاوف، نائبة وزير الخارجية وعضو الكنيست شاران هاسكل، عضو الكنيست عميت هاليفي، أوشر شيكاليم، وعضو الكنيست السابقة شولي معلم، وقد أدوا صلوات علنية وجماعية داخل المسجد، وشارك بعضهم برفع الأعلام الإسرائيلية.
انتهاكات خطيرة وعلنية بحراسة شرطية
شهد المسجد الأقصى اليوم عدة انتهاكات خطيرة كان أبرزها:
- قراءة "مخطوطة المراثي" عند المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى، وهي نص ديني يهودي يتكون من خمسة فصول يُتلى في التاسع من آب/أغسطس (ما يسمى يوم خراب الهيكل).
- صلوات يهودية علنية، ورقص وغناء، ونحيب وتصفيق وشعائر جماعية في أنحاء مختلفة من المسجد منذ لحظة الاقتحام عبر باب المغاربة، وسارت مجموعات المستوطنين عبر ساحة المصلى القبلي والمرواني، وصولًا إلى المنطقة الشرقية، ثم عبروا الطريق الشمالية (باب الأسباط، حطة، الملك فيصل) قبل أن ينعطفوا باتجاه الأروقة الغربية، مرورًا بباب القطانين، حتى خروجهم من باب السلسلة، وفي كل نقطة مطلّة على مسجد قبة الصخرة، كان المستوطنون يتوقفون لأداء طقوسهم الدينية المختلفة وسط رقص وغناء وصراخ وتصفيق.
- أداء صلوات جماعية وعلنية في مناطق جديدة داخل الأقصى، أبرزها الساحة بين المصلى القبلي والمرواني.
- رفع جماعي للأعلام الإسرائيلية والصلاة بها، بمشاركة أعضاء كنيست.
- وجود أكثر من 900 مستوطن في الأقصى في ذات الوقت موزعين في عدة مناطق من المسجد.
- عشرات المستوطنين وضعوا "لفائف التِفلّين" على أذرعهم وجباههم، "التِفلّين" هي أدوات طقسية تُستخدم في الصلوات اليومية، وتتكون من علب جلدية سوداء تحتوي على رقاع مكتوبة يدويًا بآيات من التوراة، وتُربط على الذراع والجبهة، وتُستخدم عادة في الكنس، وقد سمحت الشرطة اليوم للمستوطنين بإدخالها إلى الأقصى واستخدامها خلال الصلاة داخله.
- عشرات المستوطنين يضعون "شال الطاليت" على أكتافهم ويؤدون الصلاة علنًا داخل المسجد الأقصى، و"شال الطاليت" هو غطاء يهودي مقدس يُرتدى خلال الصلوات كرمز للطهارة والالتزام الديني
- على أبواب الأقصى من الجهة الخارجية، أدى المستوطنون الصلاة ورفعوا الاعلام الإٍسرائيلية وأعلام (الهيكل المزعوم)
اعتقال 3 حراس
اعتقلت قوات الاحتلال، 3 حراس من المسجد الأقصى وهم: أحمد أبو عليا، ومحمد طينة، ومحمد بدران.
حصار البلدة القديمة وتحريض مسبق
فرضت سلطات الاحتلال حصارًا شاملًا على البلدة القديمة، ونشرت قواتها على كافة الأبواب، خاصة أبواب (الأسباط، الساهرة، والعامود)، ونصبت الحواجز الحديدية ومنعت الفلسطينيين من الدخول إلى المسجد الأقصى.
وخلال الأسبوع الماضي، نشر اتحاد "منظمات الهيكل" ونشطاء ومنظمات متطرفة دعوات وإعلانات لتنفيذ أوسع اقتحام للمسجد الأقصى خلال هذه الذكرى، وتحقيق رقم قياسي في أعداد المقتحمين، كما نُصبت مظلات في الساحة السفلية أمام مدخل جسر المغاربة لاستقبال حشود المستوطنين أثناء انتظارهم للاقتحام.
من جانبه، وجّه قائد ما يسمى "منطقة ديفيد" في شرطة الاحتلال بالبلدة القديمة، المقدم دفير تميم، رسالة طمأنة وتشجيع إلى اتحاد منظمات "المعبد"، رحّب خلالها بتوافد المستوطنين وتعهد بتأمينهم وتوفير كافة التسهيلات لاقتحامهم. ووصفت الرسالة المقتحمين بـ"الحجاج"، ما يعني إقرار شرطة الاحتلال بأداء طقوس دينية داخل المسجد الأقصى.
مسيرات مسائية واعتداء فجري
وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، انطلقت مسيرة عشية ذكرى "خراب الهيكل" من ساحة "مأمن الله" غربي القدس، مرورًا بمنطقة باب الجديد، وساحة باب العامود، وباب الساهرة، وصولًا إلى باب الأسباط حيث ألقيت الكلمات، ثم واصل المستوطنون المسير إلى ساحة البراق.
وقد أدى آلاف المستوطنين صلواتهم عند حائط البراق، وعلى أبواب المسجد الأقصى من الجهة الخارجية، وفي ساحة الغزالي، وسط إغلاق كامل للمنطقة.
وعند صلاة الفجر، اعتدى مستوطنون بالبصق والشتائم على المصلين الوافدين إلى الأقصى، وسط حماية مشددة من قوات الاحتلال.
11 اقتحامًا لبن غفير منذ تعيينه... وفرض السيطرة على الأقصى
وفي تصريح للوزير المتطرف ايتمار بن غفير في الأقصى ، قال: "نفكر في بناء الهيكل، وفي السيادة، وفي الحكم. لا يكفي الحداد، لقد فعلنا ذلك في أماكن عديدة، وسنفعل ذلك في غزة أيضًا."
وأشار مركز معلومات وادي حلوة إلى أن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، قد صرح في ذكرى ما يسمى (خراب الهيكل) في شهر آب/أغسطس من العام الماضي، بأنه ينوي إقامة كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى، مؤكداً على حق اليهود في الصلاة فيه، ورفض وجود أي قيود على الصلاة داخله. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت الصلاة علنية وجماعية للمستوطنين داخل الأقصى.
وفي شهر حزيران/يونيو الماضي، اقتحم الوزير بن غفير الأقصى وطالب علناً بالسماح للمستوطنين بإقامة صلواتهم في جميع أنحاء المسجد دون اعتراض.
وترجمت أقوال ومطالبات بن غفير بشكل واضح وصريح داخل الأقصى خلال اقتحامات المستوطنين، في خرق صريح للوضع التاريخي والقانوني القائم.
وأوضح مركز معلومات وادي حلوة – القدس أن بن غفير اقتحم الأقصى 11 مرة منذ تعيينه وزيراً: ثلاث مرات في 2023، وأربع مرات في 2024، وثلاث مرات حتى الآن في 2025، ويُعد هذا الاقتحام السابع منذ السابع من أكتوبر 2023، في مؤشر واضح على توظيف المناسبات الدينية اليهودية لتكريس السيادة على المسجد الأقصى.

