طباعة

حصاد تشرين الأول/ أكتوبر في مدينة القدس
November 1, 2025
  • صورة للتوضيح

أصدر مركز معلومات وادي حلوة – القدس تقريره الشهري عن شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وثّق فيه أبرز الأحداث والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس، وفي مقدمتها ما يجري في المسجد الأقصى من اعتداءات متصاعدة، إلى جانب قرارات الإبعاد والاعتقالات اليومية بحق المقدسيين، وتصاعد عمليات الهدم والتشريد في مختلف أحياء المدينة.

المسجد الأقصى.. انتهاكات متصاعدة وخطيرة

شهد المسجد الأقصى خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تصعيدًا خطيرًا في الانتهاكات الإسرائيلية، تمثّل في اقتحامات يومية نفذها مئات المستوطنين بدعم حكومي مباشر وبحماية ميدانية من قوات الاحتلال، باستثناء يومي الجمعة والسبت.

وجرت الاقتحامات على فترتين (صباحية وبعد صلاة الظهر)، وشهدت خلالها ساحات المسجد أداء صلوات جماعية وعلنية في مختلف أروقته وساحاته.

وبلغ عدد المقتحمين للمسجد الأقصى خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر أكثر من 10,820 مستوطنًا، بينهم 919 مستوطنًا خلال يومي "عيد الغفران" (كيبور)، فيما اقتحم خلال أسبوع عيد العُرش و"فرحة التوراة" نحو 7,474 مستوطنًا.

وخلال الشهر ذاته، اقتحم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى مرتين (في ثاني أيام العيد ويوم الاحتفال بـ"فرحة التوراة")، وأشار مركز معلومات وادي حلوة إلى أن بن غفير كرّر اقتحاماته للأقصى 13 مرة منذ توليه منصبه عام 2023.

كما اقتحم الأقصى خلال عيد العُرش أعضاء كنيست من أحزاب اليمين المتطرف، بينهم إسحق كروزور وتسفي سوكوت (من حزب "الصهيونية الدينية") وعميت هاليفي (من حزب "الليكود")، وأدوا صلوات علنية داخل المسجد.

وأدى المستوطنون خلال عيد العُرش صلوات جماعية وعلنية شملت الانبطاح والسجود والغناء والتصفيق داخل المسجد الأقصى، كما قُدّمت القرابين النباتية الخاصة بالعيد (الأترج، الآس، الصفصاف، وبرعم سعف النخيل)، وأقيمت بها طقوس وصلوات عدة داخل ساحات المسجد، تخللتها رقصات وأناشيد دينية بصوت عالٍ في أرجاء المكان.

وعلى مدار أيام الجمعة، واصلت سلطات الاحتلال فرض قيود مشددة على دخول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى، عبر منع عشوائي وتوقيفات على الأبواب، ومنع المئات من الصلاة داخل المسجد أو حتى على عتباته.

وانتشرت قوات خاصة بين صفوف المصلين أثناء خطبتي وصلاة الجمعة، وتمركزت على سطح مسجد قبة الصخرة وفي محيطه، إضافة إلى قوة ثابتة قرب مركز الشرطة. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تُرصد هذه المشاهد كل يوم جمعة دون مراعاة لحرمة المكان أو وجود النساء المصليات، وتتركز نقاط تمركز القوات الإسرائيلية في البوائك الجنوبية للمسجد الأقصى المطلة على المصلى القبلي والمرواني، وعلى سطح قبة الصخرة عند مدخل الساحة الشمالية قرب مخفر الشرطة.

صفقة التبادل والإجراءات في مدينة القدس

شهد شهر تشرين الأول/ أكتوبر تنفيذ مرحلة جديدة من صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، إذ أفرجت سلطات الاحتلال عن 15 أسيرًا مقدسيًا ضمن المرحلة الثالثة، وسط إجراءات مشددة وقيود قاسية فرضتها على الأسرى وعائلاتهم.

رافقت الإفراجات إجراءات أمنية مشددة في مختلف أحياء المدينة، تمثّلت في منع التجمعات العائلية أمام المنازل أو في محيطها، ونشر قوات الاحتلال في الشوارع، واقتحام منازل الأسرى المحررين وتفتيشها مع منع التواجد فيها باستثناء أفراد العائلة. كما حاصرت القوات المنازل لساعات طويلة بعد الإفراج، مهددة باستخدام القوة في حال مخالفة التعليمات.

ومنعت سلطات الاحتلال رفع الأعلام الفلسطينية أو أي مظاهر احتفال، وفرضت على عائلات الأسرى استقبال المحررين بشكل فردي وسريع دون حضور جماهيري، وسط مراقبة مكثفة، مع إيصال كل أسير محرر إلى منزله برفقة أحد أفراد عائلته من مركز شرطة "غرف 4".

كما استدعت مخابرات الاحتلال عائلات الأسرى المقدسيين إلى مركز "غرف 4" في غرب القدس، وطلبت منهم التوقيع على كفالات مالية تُلزمهم بعدم التجمع أو الاحتفال أو رفع الأعلام والمفرقعات.

وبالإضافة إلى ذلك، أبعدت سلطات الاحتلال الأسرى المحررين عن المسجد الأقصى قبل الإفراج عنهم، وهو إجراء اتُّبع مع كافة الأسرى الذين شملتهم صفقة التبادل.

منع الفعاليات الثقافية والرياضية في القدس

واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع عقد الفعاليات للأندية والجمعيات الثقافية والرياضية في مدينة القدس، بحجة رعايتها من قبل السلطة الفلسطينية، وذلك بموجب قرار صادر عن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

فقد منعت سلطات الاحتلال عقد لقاء في مقر اتحاد الجمعيات الخيرية في المدينة، وداهمت المقر واعتقلت رئيس الاتحاد مجدي زغير والمدير العام يوسف قري من داخله.

وفي بلدة سلوان، منعت إقامة حفل الذكرى الستين لتأسيس نادي سلوان الرياضي، واعتقلت رئيس النادي أحمد الغول من منزله.

مصادرة الأراضي في القدس

واصلت سلطات الاحتلال عمليات مصادرة الأراضي في مدينة القدس خلال الشهر الماضي:

في بلدة جبل المكبر، صادرت بلدية الاحتلال أرضًا تعود لعائلة عقل قراعين بحجة "المنفعة العامة" لإقامة منتزه، كما صادرت موقف المركبات أمام منازل العائلة رغم امتلاكهم أوراق طابو تثبت ملكيتهم للأرض.

في حي الشيخ جراح، حفرت سلطات الاحتلال أرضًا تعود لعائلة قواس لمنع استخدامها، بحجة أن ملكيتها تعود لـ"جمعية أراضي إسرائيل"، وتبلغ مساحتها 3.5 دونم، وقد تم إخلاء الأرض بالكامل في تموز/ يوليو الماضي.

في بلدة عناتا شمال شرق القدس، أصدرت سلطات الاحتلال أمرًا بالاستيلاء على نحو 5,856 دونمًا من الأراضي لأغراض عسكرية، من بينها 5,254 دونمًا مصنفة "أراضي دولة"، و602 دونم ملكيات خاصة لمواطنين من البلدة. وأتاح القرار للمتضررين الاعتراض لدى المستشار القضائي لمنطقة يهودا والسامرة خلال سبعة أيام من صدوره.

انتهاك مستمر لحرية العبادة وحرمة الصلاة

اقتحمت قوات الاحتلال خلال الشهر الماضي مسجد الهجرة في بلدة بيت حنينا، وأجبرت المصلين على قطع صلاتهم الجماعية أثناء أدائها، وتم فحص هوياتهم الشخصية واعتقال عددٍ منهم من داخل المسجد.

كما استدعت مخابرات الاحتلال مؤذن المسجد، وفرضت عليه غرامة مالية بقيمة 5,000 شيكل بحجة ارتفاع صوت قراءة القرآن والأذان أثناء صلاة الفجر، وطالبته بعدم استخدام السماعات الخارجية والاكتفاء بالمكبرات الداخلية فقط.

وادي الربابة... سرقة الزيتون ومضايقة أصحاب الأرض

واصل المستوطنون، بدعم من سلطات الاحتلال، سرقة ثمار أشجار الزيتون في أراضي وادي الربابة ببلدة سلوان، وفرضوا قيودًا على أصحاب الأرض من الوصول إلى أراضيهم أو زراعتها.

كما منعت طواقم البلدية والفِرق الاستيطانية المرافقة الأهالي من تحسين تربتهم أو وضع سلاسل حجرية في أراضيهم، في إطار محاولات متكررة للسيطرة على الأراضي وتحويلها إلى مساحات استيطانية تحت مسمى "حدائق توراتية".

اعتقالات لا تتوقف

واصلت سلطات الاحتلال خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2025 حملات الاعتقال اليومية في مدينة القدس، التي طالت الأطفال والفتيان والنساء وكبار السن، إضافةً إلى مئات الشبان من حملة هوية الضفة الغربية بذريعة "الإقامة غير القانونية".

وأوضح مركز معلومات وادي حلوة أن مستوطنين، من بينهم أحد أعضاء الكنيست، شاركوا خلال الشهر الماضي في ملاحقة الفلسطينيين بحجة دخولهم إلى القدس بطريقة غير قانونية، من خلال تصويرهم واحتجازهم وفحص هوياتهم وتسليمهم للشرطة، وتكررت هذه الحوادث في مناطق عدة من المدينة.

كما استمرت سياسة التضييق على الأسرى المقدسيين بعد الإفراج عنهم، عبر استدعائهم فور انتهاء محكومياتهم، والإفراج عنهم في مناطق بعيدة عن السجون دون إبلاغ عائلاتهم التي تنتظرهم لساعات طويلة أمام بوابات السجن.

وفرضت سلطات الاحتلال قيودًا مشددة شملت منع استقبال الأسرى المحررين أو تنظيم التجمعات على شرفهم، ومنع رفع الرايات والأعلام الفلسطينية خلال هذه المناسبات.

هدم وتشريد

تواصلت سياسة الهدم في مدينة القدس خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بذريعة "البناء دون ترخيص".

ووثّق مركز معلومات وادي حلوة تنفيذ 11 عملية هدم وإغلاق طالت منشآت سكنية وتجارية وزراعية في مختلف أحياء المدينة.

وتنوّعت أساليب الهدم بين الهدم الذاتي الذي اضطرت خلاله العائلات إلى هدم منازلها بأيديها تجنّبًا للغرامات الباهظة، والهدم المباشر الذي نفذته طواقم بلدية الاحتلال بمرافقة القوات الإسرائيلية.

كما واصلت سلطات الاحتلال توزيع أوامر الهدم وإنذارات وقف البناء واستدعاءات لمراجعة بلدية الاحتلال، في إطار سياسة ممنهجة لتفريغ المدينة من أهلها الفلسطينيين.