طباعة
"الوكالة مدرستنا" ... صرخة مقدسية لإعادة فتح مدارس الأونروا في القدس بعد إغلاق قسري يهدد مستقبل الطلبة
لم تُقرع أجراس مدارس الوكالة في مدينة القدس كالمعتاد ولم تصطفّ حقائب صغيرة خلف الطوابير الصباحية، فرغت الساحات من ضجيج الطلبة، وخلف الأبواب الموصدة، المقاعد المدرسية خالية، بانتظار عودة أصوات التلاميذ وضحكاتهم بين الحصص، الممرات وغرفة الإدارة والمعلمات صامتة، لم تطأها خطوات المعلمين والمعلمات.
الخميس الماضي، كانت مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على موعدٍ مع قرار إغلاقها، وترك طلبتها في الشهر الأخير من الدوام المدرسي، وطاقمها كذلك؛ فاقتحمت قوات الاحتلال مدارس في مخيم شعفاط بعد نحو ساعة من بدء الدوام، وأخلت المباني من الطلبة، وسجّلت هويات الموظفين، وعلّقت قرارات إغلاق على الأبواب، وتباعًا، طالت الاقتحامات محيط مدارس الوكالة في أحياء وادي الجوز، وسلوان، وصور باهر، ووُضعت أوامر الإغلاق على المداخل الرئيسية، بتفاصيل دقيقة: اسم المدرسة، الشارع، الحي، واسم المدير أو المديرة.
"من حقنا الدراسة في مدارس الوكالة"
وصباح اليوم الأحد، نُفّذ اعتصام أمام مدرسة "بنات القدس" التابعة لوكالة الغوث في بلدة سلوان، رفضًا واحتجاجًا على قرار إغلاق المدرسة، وللمطالبة بإعادة فتحها، وشارك في الاعتصام طلبة من مدارس الوكالة، وعائلاتهم، ومقدسيّون تخرجوا من المدرسة.
"لا يوجد مكان بديل لأطفالنا، ومن حقنا التعليم... لا يجب أن تُغلق المدرسة، من حقنا أن نتعلم في مدرستنا... الوكالة مدرستنا... من حق أطفالنا أن يتعلموا، افتحوا أبواب المدرسة... مدرسة بنات القدس يجب أن تكون مفتوحة الأبواب..." شعارات عُلّقت على أبواب المدرسة، وأخرى رُفعت في الاعتصام، أما قرار المنع المعلّق منذ أربعة أيام، فقد كُتب عليه: "مرفوض".
قال رمضان طه، الناطق الإعلامي باسم أولياء أمور الطلاب في مدارس القدس، خلال الاعتصام أمام مدرسة "بنات القدس" في سلوان:
"نحن نقف اليوم أمام مدرسة سلوان لنعلن رفضنا وشجبنا لإغلاق مدارس الوكالة، قرار الإغلاق هو قرار سياسي، معروف الأبعاد والأهداف. قرابة 800 طالب وطالبة حُرموا اليوم من حقهم في التعليم، وهم الآن في الشوارع بدلًا من الجلوس على مقاعد الدراسة."
وأضاف:"وضع الطلبة على المحك، وأقل من شهر يفصلنا عن بدء الامتحانات النهائية، نسعى جاهدين لإعادة فتح المدارس، ونطالب جميع المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية، وكذلك السلطة الفلسطينية، بالتدخل والضغط على الجانب الإسرائيلي لإعادة فتح مدارس الوكالة."
وأكد طه:"سندرس الخطوات الاحتجاجية القادمة، وسنواصل التواصل مع كافة المؤسسات المعنية".
وأجرى مركز معلومات وادي حلوة–القدس لقاءات مع الطلبة وعائلاتهم.
الطالبة الخريجة فداء علقم (الصف التاسع)، أوضحت ما جرى يوم الإغلاق "الخميس حضرنا أول حصتين، وبعدين صار إخلاء مفاجئ للمدرسة، عشنا خوف وقلق، هاي آخر سنة إلنا فيها، من حقنا إكمال العام الدراسي الأخير في مدرستنا، بدنا نرجع نتعلم، ونختمها بتخرج، مش بإغلاق المدرسة."
أما بيلسان جولاني من الصف الثامن فقالت:" إخلاء المدرسة كان صدمة إلنا، هذه المدرسة هي ربتنا، علمتنا، وكبرتنا، من خلالها حلمنا يتحقق، نرفض إغلاق مدرستنا، هي بيتنا الثاني، وقفت معنا، ونريد إعادة فتحها."
وقالت الطالبة الخريجة رغد رويضي من الصف التاسع: "بدي أتخرج من هاي المدرسة. فوجئنا بالقرار، ما ودّعنا المعلمات والإدارة، أنا تربيت فيها، المعلمات أمهاتي، والبنات أخواتي، المدرسة غالية، بدنا نفتحها، إلنا الحق بالتعليم، بدي أتخرج منها، ما إلهم حق يغلقوها. هي بيتنا الثاني."
وقالت شريهان أبو بكر، والدة أربعة أطفال في مدرسة "بنات القدس": بدي أولادي يرجعوا على المدرسة، بدهم يتعلموا، هذا حقهم، التعليم حق، بدي المدرسة تضل مفتوحة، ما بدنا تنغلق، وما بدنا بديل عنها، حق أولادنا إنهم يتلقوا ويكملوا تعليمهم فيها، رح نضل نعتصم ونتواجد لنحمي مستقبل ولادنا، شو ذنبهم يضلوا بالبيت وما يروحوا عالمدرسة؟"
أما والدة الطالبة إيلاف القواسمي من مدرسة "بنات القدس" في سلوان، فقالت: "ولا مدرسة قبلت تستقبل أولادنا لأن السنة الدراسية قربت تخلص، الكل طلب منا شهادة إنهاء السنة الدراسية حتى يشوفوا إذا ممكن يسجلوا... أو إنه بنتي تعيد الصف! اليوم أولادنا ما راحوا على مقاعدهم الدراسية، قاعدين وسؤالهم: ليش ما طلعنا على المدرسة؟ بدنا نشوف المعلمات والمديرة والأصحاب، يوم الخميس الماضي، أخليت المدرسة فورًا، واضطرت الإدارة تطلع الطلاب على الشارع، ما كان في أي خيار."
وقالت سحر العباسي، التي تخرّجت من المدرسة قبل 25 عامًا: "اليوم أنا واقفة قدام باب مدرستي، هذا تضامن شخصي. هذه المدرسة معلَم وصرح في سلوان، تخرج منها مئات الطلاب، أنا فخورة إني كنت من طلابها، اليوم أنا حزينة، لأول مرة هذا الصرح يُغلق، القرار تعسفي وغير قانوني. الأطفال بدون مقاعد وبدون أي بدائل."
مدارس وكالة الغوث في مدينة القدس:
تضم مدينة القدس 6 مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، تخدم قرابة 800 طالب وطالبة من الطلبة المقدسيين
- في مخيم شعفاط: توجد ثلاث مدارس، اثنتان للإناث وواحدة للذكور، يدرس فيها أكثر من 535 طالبًا وطالبة في المرحلتين الابتدائية والأساسية.
- في حي وادي الجوز: تقع مدرسة القدس الأساسية للبنين، ويبلغ عدد طلابها أكثر من 35 طالبًا في المرحلة الأساسية.
- في صور باهر: توجد مدرسة صور باهر الأساسية المختلطة، ويتجاوز عدد طلابها 103 طلاب في المرحلة الأساسية.
- في بلدة سلوان: تقع مدرسة بنات القدس (تضم ذكورًا وإناثًا)، ويبلغ عدد طلابها أكثر من 115 طالبًا وطالبة.
ويعمل في هذه المدارس مجتمعةً أكثر من 60 معلمًا ومعلمة ضمن الطاقم التعليمي.
وكان الكنيست قد أقرّ في تشرين الأول/أكتوبر 2024 قانونًا يحظر نشاط وكالة الأونروا داخل إسرائيل، إلى جانب قانون آخر يمنع أي اتصال معها، وفي شباط/فبراير 2025، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليماته بتطبيق هذا القانون، الذي يحظر أنشطة الأونروا داخل إسرائيل.