طباعة
من الطابو إلى الإخطارات: معركة قضائية لعائلة أبو طير لحماية أرضها في القدس
على سفوح القدس الجنوبية، تواجه عائلة أبو طير واحدة من أخطر محاولات التهجير القسري، بعدما تحوّلت أرضها الموروثة عن الأجداد إلى مطمع استيطاني معلن، على مساحة 64 دونمًا يعيش أكثر من 200 فرد موزعين على 17 بناية تضم 35 شقة سكنية، جميعها مشيدة بترخيص رسمي من بلدية الاحتلال ودائرة الأراضي الإسرائيلية، لكنهم باتوا مهددين بفقدان منازلهم لصالح مخطط استيطاني جديد.
خطوات تصعيدية ميدانية
خلال الأيام الماضية، قامت طواقم تابعة لـ"صندوق أراضي إسرائيل" بنصب لافتات على الأرض في قرية ام طوبا تفيد بأنها: "أراضي تابعة لدولة إسرائيل، ممنوع الدخول إليها، ومن يخالف يتحمل المسؤولية".
وصف السكان هذه الخطوة بأنها استكمال لسياسة فرض الأمر الواقع ومنعهم من استخدام أراضيهم.
وأوضح يوسف أبو طير، أحد المتضررين، أن سلطات الاحتلال طالبت العائلات بإزالة ما على الأرض (كونتير)، ومنعتها من دخولها أو استخدامها، بزعم أن ملكيتها تعود للدولة، رغم الاعتراضات القانونية للمحاكم المختصة.
من الطابو إلى الإخطارات
تعود القضية إلى أيار/مايو 2023، حين تم تسجيل الأرض في الطابو الإسرائيلي باسم دائرة أراضي إسرائيل والصندوق القومي اليهودي، دون علم أو إخطار مسبق، وعلمت العائلة بالأمر لدى توجه أحد أبنائها للحصول على رخصة بناء (ضمن الإجراءات المتبعة).
بعد عام واحد، في أيار/مايو 2024، تسلّم السكان إخطارات إخلاء تطالبهم بتسليم الأراضي وإزالة المنازل وإخلاء السكان خلال شهر واحد.
وفي 11 حزيران/يونيو 2025، عادت سلطات الاحتلال وسلمت إخطارات جديدة بالإخلاء، ما دفع العائلات للتوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي أحالت القضية إلى المحكمة المركزية، حيث ما زالت المعركة القضائية مفتوحة.
تناقضات رسمية
تؤكد العائلة أن دائرة أراضي إسرائيل كانت قد صادقت في السنوات الماضية على معاملات البناء المقدمة، وأكدت أنها "قانونية وخالية من الاعتراضات"، وهو ما يعتبرونه دليلًا على أن ما يجري اليوم يمثل "سرقة وتزويرًا رسميًا".
وتوضح العائلة أن إجراءات الترخيص في القدس تفرض على السكان الحصول على ختم من دائرة أراضي إسرائيل للتأكد من ملكية الأرض وعدم وجود مشاكل قانونية عليها، وقد حصلت العائلة على هذا الختم بعد إجراءات استمرت ستة أشهر، ما يعكس تناقضًا واضحًا في تعامل المؤسسة الإسرائيلية مع الملف.
موقع استراتيجي
من أصل 64 دونمًا، أقيمت مبانٍ على نحو 20 دونمًا، بينما تبقى 43 دونمًا فارغة (لا بناء عليها)، وتقع الأرض بمحاذاة مستوطنة جبل أبو غنيم (هار حوما) وكيبوتس رامات راحيل، وتشرف على البحر الميت ومناطق واسعة من الضفة الغربية.
ويفسر هذا الموقع الجغرافي الحساس حجم الأطماع الاستيطانية، إذ تمثل الأرض حلقة وصل استراتيجية بين مستوطنات جنوب القدس والبحر الميت، ضمن مخطط أكبر يهدف إلى فصل القدس عن محيطها الفلسطيني وربطها بالكتل الاستيطانية الضخمة.
عائلة متمسكة بحقها
رغم تصاعد الضغوط، تؤكد عائلة أبو طير أن الأرض ملك شرعي وموثق، وأنها ستواصل معركتها القانونية لحمايتها، مشددة على أن ما يجري ليس سوى مخطط تهجير قسري ممنهج يهدف إلى الاستيلاء على مساحات فلسطينية استراتيجية.

