طباعة
التعليم في القدس.. عام دراسي جديد تحت حصار المناهج ونقص الصفوف
مع بداية العام الدراسي الجديد، تزداد حدة المعركة على التعليم في مدينة القدس، بين محاولات الاحتلال فرض منهاجه و"أسرلة" المدارس، وبين النقص الكبير في الغرف الصفية التي تستوعب الطلبة مع الزيادة الطبيعية في عدد السكان، ومن أبرز المشاكل التي برزت هذا العام القرار المفاجئ بنقل طلبة مدرسة سلوان الإعدادية إلى مدرسة أخرى.
يأتي ذلك في وقت يلتحق فيه نحو 120 ألف طالب وطالبة من الروضة حتى الثانوية العامة بمقاعد الدراسة في القدس، يتوزعون على مدارس المدينة: 50% منهم في مدارس بلدية ووزارة المعارف الإسرائيلية، 40% في مدارس أهلية، والبقية في مدارس تابعة للأوقاف الإسلامية ومدارس مستقلة.
أزمة مدرسة سلوان الإعدادية
من أبرز أزمات هذا العام، القرار المفاجئ لبلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية إخلاء مدرسة سلوان الإعدادية للبنين من طلبتها البالغ عددهم 600 طالب، ونقلهم إلى مدرسة سلوان الشاملة، ليصبح عدد طلابها 'مضاعف، وهو ما يفوق قدرتها الاستيعابية.
وأوضح رئيس اتحاد لجان أولياء أمور مدارس القدس زياد الشمالي أن البنية التحتية المحيطة بالمدرسة الشاملة (التي نقل اليها الطلبة) غير قادرة على استيعاب الأعداد الجديدة، حيث الشوارع ضيقة ومكتظة صباحًا وعند انتهاء الدوام، ولا توجد مواقف لمركبات المعلمين الذين ارتفع عددهم إلى 80 بعد نقل كادر سلوان الإعدادية.
وأضاف الشمالي أن مبنى المدرسة (سلوان الإعدادية) سيُحوّل إلى مدرسة مختلطة خاصة بتدريس المنهاج الإسرائيلي (البجروت)، في المقابل، أعلنت اللجنة المركزية لأولياء أمور طلاب سلوان رفضها نقل طلاب مدارس الحي أو فرض تعيين مديرين جدد دون التشاور مع الأهالي، مهددة بخوض إضراب شامل في حال لم تستجب وزارة المعارف لمطالبها.
سلوان تعلن الإضراب الشامل رفضًا لقرارات وزارة المعارف الإسرائيلية
ومساء الأحد، أعلنت لجنة أولياء الأمور المركزية لمدارس سلوان ورأس العامود، بالتعاون مع وجهاء البلدة ومخاتيرها والمؤسسات المحلية، عن إضراب شامل ومفتوح في جميع مدارس البلدة ابتداءً من يوم الإثنين 1 أيلول/سبتمبر 2025، احتجاجًا على القرارات "الجائرة" التي طالت المدارس والطلبة، وللمطالبة بتحقيق حقوقهم المشروعة بالكامل.
وأكدت اللجنة أن طلاب مدرسة سلوان الإعدادية للبنين سيشاركون صباح الأحد في وقفة احتجاجية أمام مدرستهم، برفقة أهاليهم.
ضغوط على المدارس الأهلية وفرض المناهج المحرّفة
إلى جانب ذلك، تواجه المدارس الأهلية ضغوطًا متزايدة من وزارة المعارف الإسرائيلية، التي تشترط فتح صفوف لتدريس منهاج البجروت مقابل استمرار حصولها على المخصصات المالية، وعقدت عدة اجتماعات مع إدارات المدارس لهذا الغرض.
كما ألزمت سلطات الاحتلال إدارات المدارس البلدية والأهلية التي تعتمد المنهاج الفلسطيني باستخدام كتب دراسية أعادت طباعتها بعد حذف مواد تعتبرها "غير مناسبة"، مهددة المدارس الرافضة بالإغلاق وسحب التراخيص ووقف التمويل.
وأشار الشمالي إلى أن عدد الطلبة الملتحقين بالبجروت مرشح للارتفاع بشكل ملحوظ هذا العام، إذ يُتوقع أن يصل إلى أكثر من 40 ألف طالب، مقارنة بنحو 20 ألفًا العام الماضي، بعد فرض فتح شعب جديدة للمنهاج الإسرائيلي في المدارس.
تضاعف أعداد المفتشين
وبيّن الشمالي أن وزارة المعارف الإسرائيلية ضاعفت أعداد المفتشين على مدارس القدس؛ فبعد أن كان عددهم لا يتجاوز ثلاثة مفتشين فقط، ارتفع اليوم إلى أكثر من 25، في خطوة تهدف إلى تكثيف الرقابة والضغط لفرض المنهاج الإسرائيلي.
نقص الصفوف الدراسية وإغلاق مدارس الأونروا
تعاني مدارس القدس الشرقية من عجز مزمن في الغرف الصفية، وهو أمر تتحمل مسؤوليته بلدية الاحتلال التي تمتنع عن توفير أبنية ومدارس كافية للطلبة، وتشير التقديرات إلى وجود نقص يقارب 2200 غرفة صفية في مدارس القدس.
وقال الشمالي إن بناء وافتتاح مدارس جديدة في القدس لا يتناسب مع الزيادة الطبيعية في عدد السكان، ما يفاقم أزمة الاستيعاب، ويزداد المشهد تعقيدًا بعد إغلاق مدارس وكالة الغوث (الأونروا) في القدس نهاية العام الدراسي الماضي، ما أدى إلى تشتيت طلابها، ودفع عدد كبير منهم إلى الالتحاق بمدارس تتبع المنهاج الإسرائيلي داخل الجدار.
كما يواجه نحو 150 طالبًا وطالبة من أصحاب "لمّ الشمل" مشكلة حقيقية بعد فقدانهم مقاعدهم في مدارس الوكالة في مخيم شعفاط، حيث لا يزال استيعابهم في مدارس أخرى داخل الجدار يمثل تحديًا إضافيًا للأهالي.
يدخل العام الدراسي الجديد في القدس وسط تضييقات إسرائيلية متصاعدة تستهدف جوهر التعليم الفلسطيني عبر فرض المناهج و"الأسرلة"، فيما يعيش الطلبة وأهاليهم أزمات يومية تتعلق بنقص الصفوف وعدم تسجيل الطلبة في المدارس ونقل الطلبة، ما يهدد مستقبل آلاف الطلبة الفلسطينيين في المدينة.

